سنرجع يوماً وغوص فى اعماق الأنثى
دراسة نقدية بقلم نغم سيد
تطل
علينا دار ليلي في مبادرتها النشر لمن يستحق بمجموعة قصصية متميزة بقلم
د.صابر عبد القادر ، تحمل عنوان(سنرجع يوماً) ، و قبل أن نشرع في تصفح هذا
الكتاب معاً ، أتريث قليلاً عند أكثر ما استوقفني فيه مع كل شخصية جديدة
يرسم الكاتب خطوطها ، فعندما تقرأ سطوراً تستفيض في وصف رقيق المشاعر و
تسهب في تأمل أعماق النفس البشرية للأنثي و سبر أغوار العلاقات العاطفية ،
فإنك غالباً ما تتوقع أن يكون كاتب السطور امرأةً ، أما عندما تجد كاتباً
يجيد التبحر في عوالم المشاعر خاصةً إذا كانت بطلة بعض قصصه أنثي، فإن ذلك
الفهم العميق لطبيعة المرأة لهو أمر يستحق التوقف عنده .
أبدأ بقصتي "أحلام قبل النوم" و "حب افتراضي".. فهما من أجمل ما حوي هذا الكتاب بين دفتيه ، و تتجلي فيهما براعة الكاتب في الغوص في أعماق الأنثي و ما قد يدفعها إلي الهروب من واقعها إلي عالم الأحلام الافتراضية عندما يصبح واقعها خاوياً من دفْ المشاعر التي تحفظ اتزانها النفسي.
لم ترق لي كثيراً قصة "سنرجع يوماً" التي يحمل الكتاب اسمها و استهل بها الكاتب أقاصيصه ، ربما لأنني من مدرسة محبي النهايات الهادفة ، فعلي الرغم من نقش الكاتب لكل تفاصيل شخصية البطلة و ما يختلج في نفسها من مشاعر ثائرة ، إلا أن نهاية القصة جاءت خاوية و مناقضة تماماً لطبيعة بطلتها.
ومن بطلاته الباحثات عن الحب ، إلي بطله المحبط ذو "المرآة المكسورة" ، التي تعكس اخفاقات جيل كامل ممزق بين مبادئ راسخة صارت تراثاً ، و مستقبل منزوع القيم و المعاني .
أما قصته " أيوب هذا العصر " ، فهي قصة كل مصريٍ قهرته ظروفه القاسية ، صانعةً أسواراً من الفقر و الجهل و الاضطهاد ، تخنقه ، و تقضي علي آدميته ، و تجعله قنبلة قصيرة الفتيل تسير علي قدمين أوهنهما انحناء الظهر الذليل سنين طوال ، ليتفجر غضبه في النهاية فلا يطال غالباً إلا من هم علي شاكلته من حبيسي تلك الأسوار .
و في "حكاية أم" يصحبنا الكاتب في رحلةٍ حزينةٍ نطالع فيها حكاية أمٍ صغيرة ، هي في واقع الأمر طفلة حرمها الله سلامة العقل و استقامة الجسد ، و سلبها البشر حقوقها و انسانيتها ، فلا تملك أمام حكايتها إلا أن تدعو الله أن يضع في طريقك من هو مثلها و يمكنك من مساعدته ، ليس لينال حقوقه المسلوبة بل ليسترد أبسط مقومات آدميته المنتهكة.
و في قصتي " كنت أعرفها" و "الخطيئة امرأة و الشيطان رجل" ، تتشابه الخطوط العريضة ، فأبطال القصتين خطاة ماجنون ، يجمع بينهم اتخاذهم سبيل الخطيئة عن هوي و اقتناع ، فلا ظروفُ حياةٍ فرضته عليهم ، و لا نكبات قدر ألقت بهم في سبل المعصية .
ومما يلفت النظر في رؤية الكتب ، اختلافُها عن رؤية الكثير من الرجال ، فهو يري أن المرأة لسيت وحدها القادرة علي إغواء الرجل ، فهناك من الرجال من يكيدون كيداً أعظم مما تكيده أرذل النساء ، وهي رؤية لا أستطيع أن أخفي إعجابي بها ، خاصةً عندما تصدر عن رجلٍ شرقيٍ في مجتمع لا تري غالبيته للأسف في المرأة إلا محرضاً علي الرذيلة و محركاً للفساد !
ومرة أخري يعود بنا الكاتب إلي عوالم المحرومين من الحب في حكايتيه "الليل موعدنا" و "قيود الخير" ، لنلتقي بفصيلٍ جديدٍ منهم ، هم المتوهمون ، المرضي بالحب ؛ الذين أحال الحب حياتهم سقما بدلاً من صبغها بالأمل و السعادة .
ثم يعرض لنا الكاتب نماذجاً ممن يزرعون بأيديهم أشواك تعاستهم ، ففي "كلمات لن أستجيب لها" نري العناد مع الذات و الرغبات و القناعات الداخلية و المضي قُدُماً في الطريق المعروف نهايته الفاشلة سلفاً ، و في "مع آذان الفجر" نري انتصار الضمير علي شيطان الماديات و المحرمات .
و في "لن أعود" ينتصر الكاتب مرةً أخري للمرأة و يضعها في مكانتها اللائقة بها ، فلو كان لي أن أنتقي أجمل ما حوي هذا الكتاب ، لكانت هذه القصة -أو بالأحري الرسالة- هي ما أختار ، و لا أعتقد أن هناك أسرة لا يحتاج أفرادها إلي تأمل هذه الرسالة لعلها تجمع شتات بيتٍ أصبح ساكنوه يتشاركون محل إقامةٍ لا حياةً .
و هذا الكتاب ، علي الرغم من الغلالة الرقيقة التي تغلفه ، من موسيقي فيروز ، و كلمات نزار قباني ، إلا أن معظم أبطاله من الطبقة المهمشة مهضومة الحقوق ، فهي وجوه تلقاها كل يوم ، فلا تستوقفك و لا تفكر لحظة أن وراء كل منها حياة زاخرة بتفاصيل كفاحٍ حزينٍ لا يستطيع القلم إلا أن يسجل منها لقطات خاطفة ، و ليس أمام أيٍ منها أمل بمستقبل يحوي و لو يد حانية تربت علي الأكتاف التي ناءت بأحمالها .
أبدأ بقصتي "أحلام قبل النوم" و "حب افتراضي".. فهما من أجمل ما حوي هذا الكتاب بين دفتيه ، و تتجلي فيهما براعة الكاتب في الغوص في أعماق الأنثي و ما قد يدفعها إلي الهروب من واقعها إلي عالم الأحلام الافتراضية عندما يصبح واقعها خاوياً من دفْ المشاعر التي تحفظ اتزانها النفسي.
لم ترق لي كثيراً قصة "سنرجع يوماً" التي يحمل الكتاب اسمها و استهل بها الكاتب أقاصيصه ، ربما لأنني من مدرسة محبي النهايات الهادفة ، فعلي الرغم من نقش الكاتب لكل تفاصيل شخصية البطلة و ما يختلج في نفسها من مشاعر ثائرة ، إلا أن نهاية القصة جاءت خاوية و مناقضة تماماً لطبيعة بطلتها.
ومن بطلاته الباحثات عن الحب ، إلي بطله المحبط ذو "المرآة المكسورة" ، التي تعكس اخفاقات جيل كامل ممزق بين مبادئ راسخة صارت تراثاً ، و مستقبل منزوع القيم و المعاني .
أما قصته " أيوب هذا العصر " ، فهي قصة كل مصريٍ قهرته ظروفه القاسية ، صانعةً أسواراً من الفقر و الجهل و الاضطهاد ، تخنقه ، و تقضي علي آدميته ، و تجعله قنبلة قصيرة الفتيل تسير علي قدمين أوهنهما انحناء الظهر الذليل سنين طوال ، ليتفجر غضبه في النهاية فلا يطال غالباً إلا من هم علي شاكلته من حبيسي تلك الأسوار .
و في "حكاية أم" يصحبنا الكاتب في رحلةٍ حزينةٍ نطالع فيها حكاية أمٍ صغيرة ، هي في واقع الأمر طفلة حرمها الله سلامة العقل و استقامة الجسد ، و سلبها البشر حقوقها و انسانيتها ، فلا تملك أمام حكايتها إلا أن تدعو الله أن يضع في طريقك من هو مثلها و يمكنك من مساعدته ، ليس لينال حقوقه المسلوبة بل ليسترد أبسط مقومات آدميته المنتهكة.
و في قصتي " كنت أعرفها" و "الخطيئة امرأة و الشيطان رجل" ، تتشابه الخطوط العريضة ، فأبطال القصتين خطاة ماجنون ، يجمع بينهم اتخاذهم سبيل الخطيئة عن هوي و اقتناع ، فلا ظروفُ حياةٍ فرضته عليهم ، و لا نكبات قدر ألقت بهم في سبل المعصية .
ومما يلفت النظر في رؤية الكتب ، اختلافُها عن رؤية الكثير من الرجال ، فهو يري أن المرأة لسيت وحدها القادرة علي إغواء الرجل ، فهناك من الرجال من يكيدون كيداً أعظم مما تكيده أرذل النساء ، وهي رؤية لا أستطيع أن أخفي إعجابي بها ، خاصةً عندما تصدر عن رجلٍ شرقيٍ في مجتمع لا تري غالبيته للأسف في المرأة إلا محرضاً علي الرذيلة و محركاً للفساد !
ومرة أخري يعود بنا الكاتب إلي عوالم المحرومين من الحب في حكايتيه "الليل موعدنا" و "قيود الخير" ، لنلتقي بفصيلٍ جديدٍ منهم ، هم المتوهمون ، المرضي بالحب ؛ الذين أحال الحب حياتهم سقما بدلاً من صبغها بالأمل و السعادة .
ثم يعرض لنا الكاتب نماذجاً ممن يزرعون بأيديهم أشواك تعاستهم ، ففي "كلمات لن أستجيب لها" نري العناد مع الذات و الرغبات و القناعات الداخلية و المضي قُدُماً في الطريق المعروف نهايته الفاشلة سلفاً ، و في "مع آذان الفجر" نري انتصار الضمير علي شيطان الماديات و المحرمات .
و في "لن أعود" ينتصر الكاتب مرةً أخري للمرأة و يضعها في مكانتها اللائقة بها ، فلو كان لي أن أنتقي أجمل ما حوي هذا الكتاب ، لكانت هذه القصة -أو بالأحري الرسالة- هي ما أختار ، و لا أعتقد أن هناك أسرة لا يحتاج أفرادها إلي تأمل هذه الرسالة لعلها تجمع شتات بيتٍ أصبح ساكنوه يتشاركون محل إقامةٍ لا حياةً .
و هذا الكتاب ، علي الرغم من الغلالة الرقيقة التي تغلفه ، من موسيقي فيروز ، و كلمات نزار قباني ، إلا أن معظم أبطاله من الطبقة المهمشة مهضومة الحقوق ، فهي وجوه تلقاها كل يوم ، فلا تستوقفك و لا تفكر لحظة أن وراء كل منها حياة زاخرة بتفاصيل كفاحٍ حزينٍ لا يستطيع القلم إلا أن يسجل منها لقطات خاطفة ، و ليس أمام أيٍ منها أمل بمستقبل يحوي و لو يد حانية تربت علي الأكتاف التي ناءت بأحمالها .